أخر الاخبار

تحميل كتاب دستورانية ما بعد انفجارات 2011 قراءات في تجارب المغرب وتونس ومصر لـ حسن طارق pdf

 تحميل كتاب دستورانية ما بعد انفجارات 2011 قراءات في تجارب المغرب وتونس ومصر لـ حسن طارق pdf 

تحميل كتاب دستورانية ما بعد انفجارات 2011 pdf

لم تبرز الملامح النهائية للجمهورية الثانية في تونس أو ليبيا أو اليمن، أو حتى في مصر التي دشنت فيها حتى الآن وثيقتان دستوريتان، على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أعوام على حوادث الربيع العربي.

لا شك في أن خصوصية الحالة الثورية العربية، من حيث غياب الطابع الأيديولوجي والتنظيم الثوري «المركزي»، أثرت في تعقد مسارات الدسترة وفي صعوبة إيجاد نماذج تفسيرية مطابقة تعتمد على الفرضيات التي تقدمها المعرفة العلمية المتعلقة بالمسألة الدستورية في لحظات التحول إلى الديمقراطية، برز هذا التعقد في الأيام الأولى التي تلت الثورات، مع إشكاليات تدبير التحول الدستوري في ظل الشرعية الثورية الطارئة، ثم توازيًا مع النقاش المتوتر الذي تناول ترتيب أجندات المرحلة الجديدة، والذي اتخذ صيغة جدل تأسيسي وتمثيلي من خلال السؤال: أيهما أو لا... إجراء الانتخابات أم صوغ الدستور ؟

أدى الاستقطاب السياسي الحاد بين القوى والفاعلين في الدولة والمجتمع بعد الثورات إلى توق شديد إلى الدستور، فتوالت الإعلانات الدستورية، أو حتى موجات الدسترة التي واكبت التحولات الكبرى التي شهدتها دول الربيع العربي». فمن حيث الشكل، لا تعد إعادة الاعتبار إلى السلطة التأسيسية المنتخبة في صوغ الدستور قاعدة عامة لهذا المسار؛ إذ عرفت الحالة المصرية بعد 30 حزيران/ يونيو 2013 منحى مغايرًا. أما من حيث المضمون، فإن «انفجار» قضية الهوية، باعتبارها أثرًا مباشرًا لسقوط الأنظمة السلطوية، كان أول اختبار صعبواجهه كتاب الدساتير، حيث انطلق النقاش الاستقطابي في شأن محددات الانتماء الوطني، وطبيعة الدولة، ومسألة الدولة المدنية، وموقع الشريعة الإسلامية في صناعة القانون، وبدا أن التوافقات التي جرى التوصل إليها على عجل في ميادين الربيع بين الإسلاميين والعلمانيين كانت أكثر هشاشة مما تصورنا في البداية.

جعلت مرجعيات الحراك الثوري، وقوة الحضور المجتمعي التي طبعت الفعل السياسي في فورة ما بعد ،2011 صرع الدساتير يتحو منحى الأجيال الجديدة من دساتير الحقوق والمشاركة المدنية كما جعل اختلاط المطالب السياسية بأصوات الاحتجاج الاجتماعي مسارات الدسترة تعنى أكثر بالسياسات العامة، وتعود أكثر إلى الدساتير / البرامج نفسها.

أما من حيث الديمقراطية، فعرفت نقاشات هندسة السلطات - على العكس مما كان متوقعا - انتصارًا واضحًا للاختيار الذي راهن على تصحيح الرئاسوية وتقليم مظاهرها السلطوية»، مقابل انحسار بين للدعوات البرلمانية. ففي لحظات كثيرة، قدمت مزايا النظام الرئاسي المعقلن، أو حتى شبه الرئاسي، ضمانة مؤسساتية لتجنب مخاطر الانزلاق «الممكن الذي ربما ينجم عن الاختيار البرلماني) من حالة الدولة الاستبدادية إلى حالة الدولة الفاشلة.

إذا كانت هذه التعميمات لا تعني وجود فروق جوهرية بين التجربتين المصرية والتونسية، أو بين باقي التجارب الأخرى، أو حتى بين دستوري مصر العامي 2012 و 2014، فإن مسارات الدسترة واكبت الهيار المثالية الدستورية المليئة برومانسية الثورة، وحرارة الساحات العامة، التي تعد الدساتير وثائق تأسيسية وعقودا اجتماعية تطبع اللحظات الكبرى لتحول الأمم، وانتصار فكرة الدساتير التكتيكية التي هي ترجمة آنية لموازين القوى المتصارعة من أجل السلطة في المرحلة المعقدة لما بعد اليوم الأول للثورة.

تركز في الإشكالية التي تعالجها في هذا الكتاب على الحالة المغربية، وتستحضر التجربتين التونسية والمصرية لتمثل التحولات الدستورية بعد عام 2011 وقيم الدستورالية وفكرة الدستور الأصلية كوثيقة لتقييد السلطة، وإن شكلت هذه التحولات محاولة لتجاوز الإطار الدستوري لزمن السلطوية العربية.
ما نقصده بالدستورانية هو تلك المنظومة من الآليات التي تتيح ميلاد نسق فاعل من القيود التي تهم ممارسة الحكم، أكان ذلك من خلال توزيع السلطات، أم قواعد المنافسة، أم المسؤولية السياسية للحكومة. ولا شك في أن ذلك يجعل مقاربتنا قائمة على التفكير في النصوص الدستورية المنتجة في سياق ما بعد الفجارات 2011، في ضوء مقارنتها بمبادئ الدستوراتية الغربية المرتبطة بسمو الدستور وبوظيفته الأصلية. في تقييد السلطة، وتحديد مساحات اشتغال المؤسسات الدستورية، ولا سيما أن السلطوية العربية نجحت في إيجاد دساتير بلا دستوراتية»، أي دساتير على هامش السلطة، بدلا من أن تكون ميثاقاً لتنظيمها ومقتضيات لكبحها.

فعلت السلطوية العربية بالدساتير ما تفعله عادة الأنظمة السلطوية بالقانون أي تريده خادمًا طبعا لأهدافها السياسية، ولا تقبل به سيدا أبدا، لأن سيادة القانون تتنافى وطبيعة هذه الأنظمة. فالدولة تحرص على أن تكون دولة قانونية من دون أن تتحول إلى دولة قانون، وتضم عددًا من المؤسسات من دون أن تصبح دولة مؤسسات.

الم تخرج السلطة، في حالات السلطوية العربية، من بنود الدستور كي تكن له الاحترام اللازم، فهي سابقة على الدستور نفسه وأسمى منه، وفقا لأيديولوجيتها التأسيسية، وهي وليدة شرعية التاريخ البعيد، أو تعبير عن إرادة الله في أرضه، أو ترجمة لفكرة الثورة المجيدة وتنظيمها الحزبي العتيد. لذلك، فبدلا من أن تكون الدولة محكومة بالدستور، كان ثمة أنظمة سياسية سلطوية تحكم بالدستور، علاوة على باقي آليات الضبط الأمني والتوزيع الريعي.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-