أخر الاخبار

تحميل كتاب علم الاجتماع السياسي لـ إبراهيم أبراش pdf

 تحميل كتاب علم الاجتماع السياسي إبراهيم أبراش pdf

تحميل كتاب إبراهيم أبراش علم الاجتماع السياسي pdf

مع أن علم الاجتماع السياسي حديث نسبيا، بل من أحدث العلوم الاجتماعية ظهورا، حيث لم يدرس كعلم مستقل وكمادة مستقلة في فرنسا مثلا إلا منذ الستينيات من القرن العشرين، وفي المغرب في الثمانينات، إلا أنه في حالة تحديث متواصله لموضوعاته ومناهجه نظرا لسرعة تطور وتفاعل التحولات الاجتماعية وتأثيراتها على الحياة السياسية، الأمر الذي يثير كثيرا من التساؤلات والغموض حول هذا العلم.

فبعد عقود من استقلالية علم السياسة وجهود علماء السياسة المتواصلة لبلورة مجالهم المعرفي والتنظيري والمؤسساتي الذي يمكن علم السياسة من الإحاطة العلمية الناجحة لدراسة وفهم الظواهر السياسية، وصل علم السياسة إلى ما يشبه الأزمة التي تعززت بسبب التطورات المتلاحقة في الحقل السياسي وتعدد وتشعب نماذج السلوك السياسي والنظم السياسية بين الدول، وعدم قدرة التنظيرات الجاهزة لعلماء السياسة ولمناهجهم التقليدية على تمثل هذه النماذج والمتغيرات السياسية، وتقوقعهم حول مزاعم العلمية والعالمية لمقولاتهم وتنظيراتهم والزعم بأنها تتوفر على قدرة شمولية للإحاطة بكل الظواهر السياسية. إلا أننا نعتقد بأن الأزمة الحقيقية تكمن في تزايد القناعة لدى علماء السياسة بصعوبة فهم الظواهر السياسية والإحاطة بأوالياتها دون الرجوع إلى البنى الاجتماعية التي تتفاعل فيها ومعها هذه الظواهر ، فكان لزاما على علماء السياسة العودة مجددا إلى المجتمع وإلى البحث عن أواليات (السياسي) في الاجتماعي)، ودراسة الظاهرات السياسية ضمن أبعادها الاجتماعية، فكان علم الاجتماع السياسي هو الإجابة العلمية على هذه الأزمة، التي أثيرت في مجال علم السياسة والتي سبق وأن أثيرت قبل ذلك في مجال علم الاجتماع من حيث ادعائه قدرة شمولية. 

على دراسة كل الظواهر الاجتماعية فلعقود طويلة وعلماء السياسة الغربيون والشرقيون نسبة إلى المعسكر الاشتراكي سابقاً - يضفون صبغة الشمولية والعالمية على تنظيراتهم ومقولاتهم السياسية، وينطلقون في تعاملهم مع الظواهر السياسية من منطلقات قانونية ومؤسساتية. وقد تأثر علماء السياسة في دول العالم الثالث بهذه التنظيرات وقاموا بنقلها ومحاولة توظيفها على مجتمعاتهم، فكانت النتيجة فشلا ذريعا في تمثلها فبالأحرى في تطبيقها على أرض الواقع وقدرتها على التعامل مع مشاكل هذه المجتمعات.

الخلاصة بمعنى بداهة، إن موطن الخلل لا يكمن في النظريات والتعميمات التي قال بها علماء السياسة في الغرب أو في الشرق، ولكن الخلل يكمن في عدم الأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي الذي أقحمت عليه هذه النظريات والتعميمات فمن المعلوم أن أية نظرية أو إيديولوجيا تدعي العلمية إنما تستمد علميتها من كونها صباغة عقلية ناتجة عن ملاحظة واقع اجتماعي / سياسي ماء قامت بتحليله اعتمادا على قواعد المنهج العلمي، فكانت هذه النظريات هي ان علميتها تكمن في الطلاقها من الواقع وإجابتها عن تساؤلاته وقدرتها على التكيف مع تحولاته والتعامل مع بنياته العميقة. أما إذا انتزعت هذه النظريات والتعميمات من سياقها الاجتماعي. 

وحاولنا تطبيقها على سياقات اجتماعية سياسية مغايرة فلا ضمانة بأنها ستحافظ على علميتها، لأنها ستكون نظريات وايديولوجيات مغتربة عن الواقع وعاجزة عن الإجابة على تساؤلاته إذن يمكن القول إن علم الاجتماع السياسي هو علم السياسة في محاولته تطوير مقولاته ونظرياته ومناهجه ليصبح أكثر قدرة على التعامل مع مجتمعات ذات أوضاع متباينة، ومداناة الظواهر السياسية انطلاقا من الواقع الاجتماعي وليس اعتمادا على تنظيرات مستوردة. هذه الإحالة أو الربط بين السياسي والاجتماعي والذي هو خاصية علم الاجتماع السياسي، يجعل هذا العلم علما مزعجا وخطيرا، يكون الباحث فيه كالسائر وسط حقل ألغام لأنه يكون ملزما بالغوص فيما وراء التمظهرات القانونية والمؤسساتية والتنظير السياسي ليربط هذا السلوك وهذه التمظهرات الخارجية بالمجتمع، بصراعاته وتحالفاته، بقيمه وثقافته، وبأصحاب النفوذ والقوة داخل المجتمع، أو بشكل آخر إنه مطالب بربط الظاهرة السياسية إيجابا أم صليا بالناس كأفراد عاديين أو نخب سياسية أو أصحاب مصالح اقتصادية أو بالمعتقدات الدينية).

وجاءت الأحداث المتسارعة في العقود الثلاثة الأخيرة والتي خلخلت كثيرا من النظريات والبراد عمات السياسية والاجتماعية، لتؤكد على أهمية علم الاجتماع السياسي، فالعولمة وخصوصا في بعدها الثقافي، وما يسمى بظاهرة الإرهاب، وانهيار المعسكر الاشتراكي بما كان يمثل من نظم سياسية واقتصادية واجتماعية والثورة المعلوماتية، وعودة الاستعمار مجددا - العراق نموذجاً - وأخيرا (الثورات) التي شهدها العالم العربي مؤخرا ، كل هذه الأحداث المشارعة خلخلت كثيرا مما كانت تعتبر مسلمات فالمحددات السياسية والاجتماعية لم تعد ذات طابع وطني خالص بل أصبحت المؤثرات الخارجية ذات حضور ضاغط على التحولات الداخلية، وما التدخل الأمريكي في مسألة الديمقراطية والإرهاب إلا دليلا على ذلك. وكما سنرى لاحقا فإن علم الاجتماع السياسي ليس جديدا في موضوعاته - وإن كان يهتم بموضوعات جديدة ولكنه جديد في طريقة تناوله لهذه الموضوعات، فمجالات اهتماماته النظم السياسية النخب السياسية، البيروقراطية العنف السياسي والأحزاب الخ، موضوعات سبق وأن درست في غالبيتها إما في إطار علم الاجتماع أو في إطار علم السياسة، ولكن الجديد الذي أتى به علم الاجتماع السياسي هو منهج دراسة هذه الموضوعات - كما سنرى. لقد حاولنا في هذا الكتاب تناول هذه المادة أخذين بعين الاعتبار المتغيرات الجديدة وخصوصاً في العالم العربي، وقد اجتهدنا في موضوعات واعتمدنا اعتمادا كبيرا على بعض الكتاب في بعض الموضوعات حيث اقتبسنا أحيانا نصوصا كاملة لأهميتها ولأن هؤلاء اعتمدوا على المراجع الأجنبية الأصلية التي لم نتوفر عليها لقدم عهدها. وهكذا جمعنا في هذا الكتاب ما بين جانب الايستملوجيا وجانب التطبيق من خلال الحالة العربية، كما زاوجنا بين تعريف المادة وأكثر المناهج إتباعا في تحصيل معرفتها، مبينين في نفس الوقت الصعوبات التي تواجه الباحث في علم الاجتماع السياسي وهي صعوبات تشاركه فيها العلوم الاجتماعية الأخرى، وهذه الصعوبات تتعلق بطبيعة العلم الاجتماعي من ناحية ويشخص الباحث ومحيطه الاجتماعي من ناحية أخرى. ترجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون قد وفقنا إلى مبتغانا ألا وهو خدمة المعرفة والدفع بالبحث العلمي الاجتماعي في المجتمع العربي وخصوصا في وطننا فلسطين إلى الأمام.

تحميل الكتاب pdf

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-